وفيها دخلت الديلم الدينور فسبوا وقتلوا
2025.01.09 00:25
فلمّا عاد كاتب أبا تغلب وهو صاحب الموصل، يعلمه فيه أنّه عامل على الغزو ويلزمه أن يعدّ له من الزاد والعلوفة ما يسعه وجنده في الطريق وأنفذ في ذلك بعض خواصه فقضى ابن حمدان حقّه وردّه بالإنعام والمسارعة إلى ما سأل وهو يعلم أنّه لا يفي بوعد ولا وعيد وأنّه يقول ولا يفعل. ابن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل، أبو القاسم الساماني، ملك خراسان وغزنة وما وراء النهر، ولي الملك وعمره ثلاث عشرة سنة، واستمر في الملك إحدى وعشرين سنة وتسعة أشهر، ثم قبض عليه خواصه وأجلسوا مكانه أخاه عبد الملك، فقصدهم محمود بن سبكتيكن فانتزع الملك من أيدهم، وقد كان لهم الملك مائة وستين سنة، فباد ملكهم في هذا العام، ولله الأمر من قبل ومن بعد. ثم عاد عابد بن عليّ إلى الامة المعروفة بالجاشكية ومن يجرى مجراها من الدعّار وكانوا وراء جبال القفص مما يلي التيز ومكران والسواحل إلى حدود عمان ولهم معرّة شديدة وفساد كثير وجنايات عظيمة على الناس وأنفذ عابد أخاه في عسكر قوى من الديلم والأتراك والعرب وغيرهم وحمل معه الزاد على الجمازات في البرّ وعلى الشذاآت والمراكب في البحر من سيراف إلى مكلّى هرموز وسواحل كرمان فقطع عدّة مضايق حتى وصل إليهم وهم غافلون لا يظنّون أنّ أحدا يصل إليهم. وليس يعلم أنّ أول من ينكر ذلك في نفسه وإن لم يبده له صاحبه فهو يحسده على مساواته له وعلى تمكنه مما يتمكن هو منه ثم مزاحمته له في الاستظهار والجمع وتبذير الأموال التي يرى أنّه أحق بها منه ثم خوفه من ميل الجند إليه وإجماعهم على جوده وسخائه واعتدادهم بما يصل إليهم له دون صاحبهم ووليّ نعمهم.
« الغزو يلزمني إذا كانت الدنيا في يدي واليّ تدبير الأموال والرجال وأمّا الآن وليس لي منها إلّا القوت القاصر عن كفايتي وهي في أيديكم وأيدى أصحاب الأطراف فما يلزمني غزو ولا حجّ ولا شيء مما تنظر الأئمة فيه وإنّما لكم مني هذا الاسم الذي يخطب به على منابركم تسكنون به رعاياكم. وفيها كانت وقعة بين أبي العباس المعتضد بن الموفق أبي أحمد وبين خمارويه بن أحمد بن طولون، وذلك أن خماروية لما ملك بعد أبيه بلاد مصر والشام جاءه جيش من جهة الخليفة عليهم إسحاق بن كنداج نائب الجزيرة وابن أبي الساج، فقاتلوه بأرض ويترز فامتنع من تسليم الشام إليهم، فاستنجدوا بأبي العباس بن الموفق، فقدم عليهم فكسر خمارويه بن أحمد وتسلم دمشق واحتازها، ثم سار خلف خمارويه إلى بلاد الرملة فأدركه عند ماء عليه طواحين فاقتتلوا هنالك، وكانت تسمى وقعة الطواحين، فكانت النصرة أولا لأبي العباس على خمارويه، فهزمه حتى هرب خمارويه لا يلوي على شيء فلم يرجع حتى دخل الديار المصرية، فأقبل أبو العباس وأصحابه على نهب معسكرهم فبينما هم كذلك إذ أقبل كمين لجيش خمارويه وهم مشغولون بالنهب، فوضعت المصريون فيهم السيوف فقتلوا منهم خلقا كثيرا، وانهزم الجيش وهرب أبو العباس المعتضد فلم يرجع حتى وصل دمشق، فلم يفتح له أهلها السعر باب المنيوم للحمام فانصرف حتى وصل إلى طرسوس، وبقي الجيشان المصري والعراقي يقتتلان وليس لواحد منهما أمير.
فكان كما قال: بينما هو جالس في جماعة إذ قال: لبيك ووقع ميتا. وعابوا من قال: أكلة وموتة. فأوقع بهم وقتل وأسر واصطلم ولم يبق من طبقات الدعّار في تلك النواحي أحدا. وكتب إلى الوزير أبي عليّ ابن مقلة يحلف له بأغلظ الأيمان على موالاة الوزير أبي عليّ ابن مقلة وابنه الحسين ومعاضدتهما وما يقال في هذا المعنى وأكّده. فلمّا حضر أبو عليّ ابن مقلة استدعينا وكنت مع القاضي أبي الحسين وثلاثة من الشهود واجتمعنا بحضرة الراضي بالله فأومأ إلى مفلح الأسود فأحضر ثلاثة من إخوته فأجلسهم عن يمينه وأخرج أبو عليّ ابن مقلة قرطاسا من كمّه ونشره فاستحلفهم على البيعة ثم أومأ الراضي إلى مفلح إيماء ثانيا فأحضر اثنان آخران من إخوته فأجلسهما عن شماله وأخذت البيعة عليهما ثم أعطى أبو عليّ القرطاس القاضي أبا الحسين فأخذ عليه البيعة وكتبنا خطوطنا في ذلك القرطاس على من بايع وانصرفنا. فلمّا تجمّع معهم خلق من أهل بغداد صاروا إلى دار المطيع لله وحاولوا الهجوم عليها وقلعوا البعض من شبابيكها فأغلقت الأبواب دونهم بعد أن كانوا يصلون إليه ويأتون عليه فأسمعوه ما كره ونسبوه إلى العجز عمّا أوجب الله على الائمة وتجاوزوا ذلك إلى ما يقبح ذكره. وفتحوا السجون وأطلقوا أهل الدعارة منها وقلعوا أبوابها ونقضوا حيطانها وعجز بختيار عن تدبير أمرهم وخاف معرة الأتراك فاستدعى الديلم إلى داره فحضروه بالسلاح وتكلموا في أمر المقتول أعنى خمار وأنكروا تبسط الأتراك وتحركت الأحقاد بينهم وعمل الديلم على قصد دار سبكتكين الحاجب ومنازل الأتراك وأحسوا بهم فتحرزوا واستعدوا وتعصب العامة معهم فسكّن بختيار تلك الثورة وأغضى عن قتل صاحبه خمار.
فأمّا الأتراك فمتسحّبون مقترحون ما لا يتمكّن منه متجاوزون حدود العامة في سفك الدماء والطمع في الأموال والفروج حتى قتلوا صاحب شرطة كان لبختيار يقال له خمار، لشيء حقير كان حقده على بعض أصاغر الأتراك فلقيهم راكبا في موكبه فحملوا عليه وألجئوه إلى الهرب والدخول إلى دار بختكين المعروف بجعدمويه وكان رئيسا معظما في الأتراك فهجموا عليه وأخرجوه وقتلوه قتلة الكلاب خفقا بالسيوف واللتوت ثم سلموا جثته إلى العامة ففصلوه آرابا حتى أخذ كبده بعض السفهاء وقلبه آخر وكل جارحة منه وجد في يد سفيه ثم أحرقوا باقى جثته بالنار. فتقبّل سبكتكين ذلك تقبل المنافق ثم ركب ببغداد في الجيش واستنفر المسلمين فثار من العامة عدد كثير بأصناف السلاح والسيوف والرماح والقسيّ حتى استعظم ما شاهده منهم ولم يوفق لتربيتهم وضمهم إلى رئيس يقوم بهم بل جعلهم كالعدة لنفسه فصاروا وبالا عظيما وضروا على المحارمات بينهم وأظهروا ضروب العصبية وأثاروا الفتن وأقدم بعضهم على بعض بالقتل واستباحة الأموال والهجوم على الحرم والفروج وتفاقم الأمر بينهم وبلغ كل المبلغ في الشر وعجز السلطان عن إصلاحهم وإطفاء ما أثاره من نائرتهم حتى صار ذلك سببا لخراب بغداد. فالبعض يريد التخلص من المطبخ الخاص به سواء للنقل فيه إلى مكان آخر أو بهدف التوسع، وهنا يأتي دور الشركات المتخصصة في شرائها ذلك لأنه أمر يتميز بالعديد من المزايا الخاصة.
If you have any inquiries relating to where and how to use ورشة المنيوم الرياض, you can speak to us at our web site.